#منوعات
رحاب الشيخ السبت 4 يونيو 2022 10:00
تنبض ريشة الفنان والخطاط الإماراتي، محمد مندي، بعشق الوطن، ويظهر ذلك جلياً في لوحاته، التي تتسم بقدراته في التشكيل والرسم، وتظهر في زواياها الكفاءة والابتكار.. عشقت أنامله الرسم منذ طفولته، وبرزت موهبته أيضاً في كتابة الخط العربي فأثرى موهبته بالدراسة، وحصل على دبلوم الأوائل من جمهورية مصر العربية في الخط العربي، وتتلمذ على يد الخطاط الشهير سيد إبراهيم، كما حصل على إجازة الخط في الثلث والنسخ (الحلية الشريفة) من إسطنبول، ليحفر بذلك اسمه بين عمالقة الخط العربي.
خلال مسيرته الفنية، أقام أكثر من ثمانية معارض شخصية، وتتلمذ على يديه مئات الفنانين والخطاطين. في حواره مع «زهرة الخليج»، نلقي بالضوء على مسيرة الفنان محمد مندي، الذي يعمل خطاطاً خبيراً في دائرة أبوظبي للسياحة والثقافة، ويقوم بتدريس الخط العربي في المرسم الحر بالمجمع الثقافي. وخاض، مؤخراً، تجربة جديدة في التعاون مع «هيرمس» التي كتب بخطه على أحد منتجاتها العطرية:
• كيف كانت بداياتك مع فن الخط العربي؟
- منذ طفولتي، أحببت الطيور بكل أنواعها، وعشقت الزهور برائحتها العطرة، وروعة منظرها، وأثر في نفسي مشهد شروق الشمس، وغروبها، ووجدت في الأحياء الشعبية إلهاماً أثار في نفسي شغف الرسم، والكتابة، خاصة الخط العربي. ولا أستطيع نكران فضل معلمي وملهمي عبدالرؤوف أبو زهرة شعبان، مدرس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية، عندما بللت قطعة الطباشير حتى تثبت الكتابة، ولا تُمحى بسهولة، في وقت الفسحة المدرسية قبل بدء الحصة، وكتبت بها بيتاً من الشعر على السبورة. وعندما دخل المدرس إلى الصف، ظننت أنه سيعاقبني، لكن ما حدث هو أنه سأل الطلاب: هل تعرفون ما سيحدث لهذا الشاب؟ قالوا: ماذا؟ فأجاب: سيثبت فنونه في العالم، ولن تُمحى من ذاكرة الناس.
إجازة الخط
• أين تعلمت قواعد وأصول فن الخط العربي؟
- في عام 1975، ذهبت إلى مصر، ودرست في مدرسة تحسين الخطوط العربية، وتتلمذت على يد الأستاذ القدير سيد إبراهيم، وتعلمت منه جميع أنواع الخطوط العربية. بعد ذلك، ذهبت لاستكمال الدراسة في إسطنبول، والحصول على إجازة الخط في لوحة تسمى «الحلية الشريفة في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم»، حيث يتوجب على الخطاط كتابة أوصاف الرسول بخط الثلث والنسخ على ورق عادي، ثم نكتبها على ورق مقهر (تم تشذيبه، وتنقيته، وتحويله إلى ورق ناعم)، ومن ثم حصلت على شهادة إجازة بأنني خطاط، وأستطيع تعليم فن الخط العربي.
• حدثنا عن تجربتك في خط النقود الورقية للإمارات؟
- بعد حصولي على دبلوم الخط العربي، تمنيت كتابة أي شيء باسم وطني الغالي، وسعدت جداً عندما عرضت عليَّ الشركة - عن طريق المصرف المركزي - خط العملة من فئة 200 درهم، وكتبت 4 أنواع من الخطوط، هي: النسخ والديواني والثلث والكوفي، وعرضوا عليَّ مقابل هذا العمل مبلغاً مالياً كبيراً، لكنني رفضت وقررت أن يكون العمل مجانياً، وقلت لهم: هذه بلادي، وأفخر بأن أضع بصمتي على عملتها.
• كيف كانت تجربتك الخاصة في دمج الخط بالرسم؟
- اكتشفت موهبتي في الرسم قبل الخط في طفولتي، لذلك - بعد دراستي الخط - لم أترك شغفي بالرسم، فقررت ابتكار فكرة جديدة لم تُنَفَّذ من قبل، وهي رسم لوحة استغرقت مني عاماً كاملاً، وكانت اللوحة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لكن باستخدام حروف اسمه، وقد أسعدني القدر وأنا أعمل عليها بمقابلة المغفور له في الشارع ليلة العيد، وبذلك كان عيدي عيدين. كنت أفكر - طوال فترة تنفيذ اللوحة - كيف سيراها، حيث كنت أرغب في أن أعبر - من خلالها - عن حبي لشخصه الكريم، واستخدمت فيها خط الثلث، وعندما شاهدها المغفور له أبدى سعادته بها. وخلال حديثي معه، قلت له: سموك أيضاً فنان ورسام، فاندهش واستكملت حديثي بأنه يضع العصا في رمال الصحراء، ويقرر زراعة النخل والأشجار؛ فتتحول الصحراء القاحلة إلى لوحة لواحة غناء.
إقرأ أيضاً: «مبرمج القرن» يكشف عن 54 مشروعاً ابتكارياً للأطفال والشباب
ماركات عالمية
• زينت بأناملك، مؤخراً، زجاجة عطر فرنسية بكتابة أبيات من الشعر.. كيف كان ذلك؟
- في قصر الحصن، وتحديداً في بيت الحرفيين، كنت أخط بعض أبيات الشعر على بعض الحقائب النسائية، التي تحمل اسم ماركات عالمية. وعندما قابلني مسؤول الشركة، التي ستصنع زجاجة العطر وعرض عليَّ فكرة تزيين زجاجة العطر بكتابة أبيات من الشعر الإماراتي، قمت بالتواصل مع صديقي الشاعر سلطان العميمي؛ ليتعاون معي في اختيار أبيات شعر مناسبة للمرأة؛ لأكتبها على زجاجة العطر. وبالفعل، اخترنا أبياتاً للشاعر الإماراتي راشد الخضر، رحمه الله، وكتبتها لتنفذ على زجاجة العطر، مستخدماً خط الثلث.
• ما دلالة اختيار مجموعة عالمية مثل «هيرميس» لخط أبيات شعر عربي على زجاجة عطر فرنسية؟
- الخط العربي من أجمل الخطوط في العالم، بسبب تعدد أشكاله، فضلاً عن أنه الخط الوحيد المنقط، ما يزيد جماله، فكل نوع من الخطوط له ما يناسبه، فمثلاً خط الرقعة للكتابة عموماً، أما الرسائل فتكتب بالخط الديواني، وخط الثلث يكون في المساجد، لكن خط النسخ يستخدم في كتابة القرآن الكريم، والخط الكوفي يستخدم في التصاميم. والمدهش هو عشق الأجانب للخط العربي؛ لدرجة أن بعضهم دخل الإسلام بسبب تأثره بجماليات الخط العربي، مثل الخطاط الأميركي المشهور محمد زكريا.
إقرأ أيضاً: رواية «خبز على طاولة الخال ميلاد» لمحمد النّعاس تفوز بـ«البوكر 2022»
• هل أنت راضٍ عن تعلم الطلاب الخط العربي في الدول العربية؟
- أعتقد أننا بحاجة إلى تدريس الخط العربي في المدارس، لاسيما أن الجيل الحالي حُرِمَ الاستمتاع بجمال الخط العربي، وقد آن الأوان كي يوجد في كل مدرسة معلم للخط، ومنهج للخط العربي، خاصة أن الدول الأوروبية متذوقة للفن، لذلك ارتقت وأصبحت متقدمة، ومن ضمن تذوقها للفن شغف الخط العربي والانبهار به، فكيف يكون ذلك في الغرب، ونحن العرب لا نهتم بالخط العربي الذي نُسِخَ به القرآن الكريم.
